مع انتشار أمراض السمنة ومشكلات الهضم، تظهر تساؤلات كثيرة لدى المرضى الذين يحاولون إنقاص أوزانهم دون جدوى، ومن بين أكثر الأسئلة شيوعًا: هل دهون الكبد تمنع نزول الوزن؟
قد يبدو سؤالًا بسيطًا، لكن إجابته متشابكة ومعقدة، لأن دهون الكبد ليست مجرد مشكلة “داخلية”، بل قد تكون المانع الأول أمام أي محاولات لخسارة الوزن.
في هذا المقال، نكشف العلاقة الحقيقية بين السمنة ودهون الكبد، هل دهون الكبد تمنع نزول الوزن؟ وهل الكبد الدهني يعيق خسارة الوزن فعلًا؟ أم أن الأسباب أعمق من ذلك؟
Table of Contents
Toggleما هو الكبد الدهني؟
الكبد الدهني هو حالة تتراكم فيها الدهون، وخصوصًا الدهون الثلاثية، داخل خلايا الكبد، وهي حالة لا تبدأ عادة بأعراض حادة، لكنها تمثل تهديدًا صامتًا لخلايا الكبد، يتضخم حجمه مع مرور الوقت، ويُقسم الكبد الدهني إلى نوعين:
- الكبد الدهني غير الكحولي “NAFLD” وهو الأكثر شيوعًا، ويحدث دون استهلاك للكحول.
- الكبد الدهني الكحولي “AFLD” وينتج عن إدمان الكحوليات.
الكبد الدهني وعلاقته بزيادة الوزن
السمنة لا تؤدي فقط إلى تراكم الدهون في الجسم، بل تسهم أيضًا في ترسيب الدهون داخل الكبد، ومع تراكم الدهون، يتعطل عمل الكبد تدريجيًا، وتبدأ مقاومة الإنسولين بالظهور، وهنا يظهر السؤال المحوري: هل دهون الكبد تمنع نزول الوزن؟
الإجابة باختصار: نعم، لكنها لا تعمل وحدها، بل بالتعاون مع عدة عوامل أخرى متعلقة بالأيض.
هل الدهون على الكبد تسبب زيادة الوزن؟
الأصل في الأمر أن السمنة هي التي تؤدي إلى خطر الإصابة بالكبد الدهني، لكن بمجرد إصابة الكبد بالدهون تبدأ حلقة الأعراض:
- يعاني المريض من ارتفاع مستويات السكر في الدم.
- الكبد المصاب بزيادة الدهون يعاني من ضعف استجابة الإنسولين.
- تزداد شهية المريض للطعام، كما تزداد معدلات تخزين الدهون.
- تزداد مقاومة الجسم لفقدان الوزن الزائد.
لذلك نجد أن الإجابة عن سؤال هل دهون الكبد تمنع نزول الوزن؟ هي نعم، والدهون نفسها تعيد إنتاج الوزن الزائد.
هل دهون الكبد تؤثر على نزول الوزن؟
عندما تتراكم الدهون في الكبد، يصبح الكبد أقل كفاءة في أداء وظائفه الحيوية، مثل:
- تنظيم مستوى السكر في الدم.
- التخلص من السموم المتراكمة في الدم.
- إفراز العصارة الصفراوية اللازمة لهضم الدهون.
تراجع وظائف الكبد يؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي، وبالتالي يصبح الجسم أكثر عرضة لتخزين الدهون وأقل قدرة على حرقها، وهو ما يجعل نزول الوزن بطيئًا، بل شبه مستحيل في بعض الحالات.
إذا كنت تتساءل هل دهون الكبد تمنع نزول الوزن؟ فالإجابة العلمية تؤكد أن الكبد الدهني يلعب دورًا كبيرًا في تعطيل محاولات نزول الوزن، نظرًا لارتباطه المباشر بتخزين الدهون.
هل أدوية دهون الكبد تخسس؟
لا توجد أدوية مخصصة للتخسيس متعلقة بعلاج الكبد بشكل مباشر، لكن بعض العلاجات الدوائية التي تُوصف لتحسين صحة الكبد قد تُسهم بشكل غير مباشر في إنقاص الوزن، مثل:
- الميتفورمين: يستخدم في علاج مقاومة الإنسولين، كما يساعد بشكل مباشر في إنقاص الدهون الزائدة في الجسم، ويساهم في خفض الوزن.
- فيتامين E: يعمل كمضاد أكسدة ويساعد في إنقاص الوزن.
- أدوية خفض الدهون الثلاثية والكوليسترول: تقلل من نسبة الكوليسترول الضار في الجسم، وتساعد في إنقاص الوزن الزائد بشكل عام.
لكن يجب التنويه أن هذه الأدوية لا تُغني أبدًا عن النظام الغذائي والرياضة، فهي تُساعد الكبد على استعادة وظيفته، لكن الطريق الحقيقي لفقدان الوزن يبدأ من تصحيح العادات الغذائية، كما أنه لا يجب تناول أي دواء دون استشارة الطبيب لتحديد العلاج المناسب والجرعة الصحيحة.
هل الكبد الدهني يسبب ألم؟
الكبد نفسه كعضو لا يحتوي على أعصاب حسية للألم، لذلك تضخمه نتيجة تراكم الدهون لا يسبب ألم في الكبد؛ لكنه يسبب ضغط على الأنسجة المحيطة بالكبد، وقد يؤدي ذلك إلى:
- ألم وشعور بعدم الراحة في الجانب الأيمن العلوي من البطن.
- شعور بالامتلاء أو النفخة خصوصًا بعد تناول الطعام.
- أحيانًا يُصاحب الألم غثيان أو تعب عام.
لكن الألم ليس علامة شائعة أو أكيدة، والكثير من الحالات تُكتشف صدفة أثناء الفحوصات.
هل دهون الكبد تسبب كبر حجم البطن؟
تراكم الدهون في الكبد يصاحبه بعض الأعراض مثل:
- تراكم الدهون الحشوية في البطن.
- اضطراب في توزيع الدهون بالجسم.
- زيادة في احتباس السوائل أحيانًا في الجسم، وقد تتراكم في تجويف البطن فيما يُعرف بالاستسقاء.
كل هذا يؤدي إلى زيادة حجم البطن لكن بطريقة غير مباشرة، أي أن البطن يكبر ليس بسبب الطعام وحده، بل نتيجة لخلل داخلي.
اقرأ أيضا: تضخم الكبد الدهني
كيف يمكن علاج دهون الكبد وإنقاص الوزن؟
الخطوة الأولى في كسر حلقة الكبد الدهني هي تغيير نمط الحياة، إذ أن العلاج الحقيقي يبدأ من الطعام:
- النظام الغذائي:
- لا بد من التقليل من الكربوهيدرات البسيطة والسكريات الصناعية التي تزيد من خطورة زيادة الدهون في الكبد.
- الإكثار من تناول الخضروات الورقية والأطعمة الغنية بالألياف.
- الامتناع عن تناول الوجبات السريعة، والأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون.
- التوقف عن تناول المقليات.
- استبدال الدهون المشبعة والمهدرجة بدهون صحية وطبيعية، مثل: زيت الزيتون.
- ممارسة الرياضة تساعد في تحفيز حرق الدهون، يمكن البدء بممارسة المشي السريع أو السباحة لمدة نصف ساعة يوميًا.
- إنقاص الوزن يساعد في تقليل نسبة الدهون في الجسم بشكل عام، وفي الكبد بشكل خاص.
- التوقف عن شرب الكحوليات تمامًا.
- المتابعة الطبية المنتظمة، لا بد من المتابعة الدورية مع الطبيب المختص، وإجراء الفحوصات بالموجات فوق الصوتية “السونار”، وإجراء تحاليل إنزيمات الكبد بانتظام.
السمنة ودهون الكبد: أيهما المسؤول عن الآخر؟
من الخطأ أن نفصل بين السمنة والكبد الدهني؛ لأن كل زيادة في مؤشر كتلة الجسم تُحمّل على الكبد عبئًا إضافيًا، كما أن الكبد الدهني هو أول علامات السمنة الداخلية، وينطبق هذا الأمر على الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي الذين يتبعون نمط حياة غير صحي.
خلاصة المقال…
السؤال الذي بدأنا به المقال: هل دهون الكبد تمنع نزول الوزن؟ له إجابة واضحة: نعم، دهون الكبد تُشكل عقبة كبيرة أمام محاولات التخسيس، خاصة إذا كانت مصحوبة بمقاومة الإنسولين واضطرابات في التمثيل الغذائي، لكن الأمر الجيد أن هذه العقبة يمكن تجاوزها بخطة واضحة، إذا التزم المريض بتعديل النظام الغذائي، وتعديل نمط الحياة المتبع، وممارسة الرياضة بانتظام، كما أن المتابعة الطبية المنتظمة هي حجر الأساس في حماية صحة الكبد، ومنع تفاقم الأعراض.
انصحك بزيارة الدكتور/ زكريا محمد فهو:
- رئيس وحدة الجهاز الهضمي والكبد بطب الأزهر.
- أستاذ م. أمراض الباطنة والسكر والكبد.
- دكتوراه أمراض الكبد ومناظير الجهاز الهضمي.
- استشاري مناظير القنوات المرارية.
- عضو جمعية الجهاز الهضمي الأمريكية.
- عضو الجمعية الأوروبية لأمراض الكبد.