قصتي مع التهاب الكبد المناعي بدأت منذ سنوات، حينما بدأت أشعر بأعراض لم أكن انتبه لها في البداية، كنت أعتقد أنه لا يوجد رابط بين حكة الجلد، فقدان الشهية، والإرهاق المستمر، لكن بدأت انتبه عندما تطورت الأمور سريعًا، ثم بدأت قصتي من التشخيص، العلاج، ومحاولة التأقلم مع المرض المزمن، في هذا المقال سأشارك بالتفاصيل معكم كل ما مررت به من خلال هذه التجربة، وأوضح أهم المعلومات حول المرض، مدته، ونمط الحياة المناسب له.
Table of Contents
Toggleما هو التهاب الكبد المناعي؟
في البداية التهاب الكبد المناعي أو ما يُعرف باسم “Autoimmune Hepatitis” هو اضطراب نادر يحدث عندما يهاجم جهاز المناعة في الجسم خلايا الكبد الطبيعية عن طريق الخطأ معتبرًا أنها خلايا ضارة، فيبدأ الجسم في مهاجمتها، ويؤدي هذا إلى حدوث التهاب مستمر في خلايا وأنسجة الكبد، علاجه يجب أن يبدأ في المراحل الأولى ويكون فعالًا ويمنع الجسم من التعرض للمضاعفات الخطيرة، لكن إذا تُرك بدون علاج يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
الأعراض الأولى: متى بدأت أشعر بالخطر؟
في البداية قصتي مع التهاب الكبد المناعي لم تكن الأعراض الأولية من الإرهاق المستمر، وحكة الجلد تشغل بالي كثيرًا، لكني بدأت أنتبه عندما لاحظت إصفرار في بياض العينين وتغير لون الجلد للأصفر، وصاحب هذا بعض الأعراض منها:
- ألم في الجزء العلوي من البطن ويصاحب ذلك تضخم في الكبد.
- فقدان للشهية، مصاحبًا لشعور بالانزعاج في البطن.
- تغير لون البول إلى اللون الداكن.
- آلام في المفاصل، تورم في الساقين، مع ظهور أوعية دموية غير منتظمة على الجلد.
وعلى الفور توجهت للطبيب وطلب مني إجراء بعض الفحوصات اللازمة وقد تبين أن هناك ارتفاع غير طبيعي في مستوى إنزيمات الكبد، وبعد الخضوع لبعض الاختبارات المناعية أخبرني الطبيب بتشخيصي بمرض التهاب الكبد المناعي.
ما هي مضاعفات التهاب الكبد المناعي؟
في بداية التشخيص أخبرني الطبيب بمضاعفات المرض وأنني أستطيع تجنبها إذا التزمت بنصائح الطبيب، وجعلتني أكثر حذرًا في التعامل مع التغذية الصحيحة، ومن أبرز هذه المضاعفات:
- تليف خلايا الكبد بشكل كامل.
- الاستسقاء أو تراكم السوائل داخل تجويف البطن.
- دوالي المريء نتيجة ارتفاع ضغط الدم البابي.
- فشل الكبد، ويكون هذا في المراحل المتقدمة، ويتوقف الكبد عن أداء وظائفه الحيوية بشكل كلي.
- احتمال تطور الأمر إلى سرطان الكبد في المراحل المتقدمة.
- مهاجمة جهاز المناعة لبعض الأجهزة الأخرى في الجسم محدثًا أمراض خطيرة، مثل: الذئبة الحمراء، والتهاب المفاصل.
هل يعالج التهاب الكبد المناعي؟
من أول الأسئلة التي طرحتها على الطبيب كانت: هل يشفى مريض التهاب الكبد المناعي؟
وكانت الإجابة واضحة: نعم، يمكن السيطرة عليه بالأدوية، التهاب الكبد المناعي مرض مزمن، يستمر مدة طويلة أو قد يستمر مدى الحياة، لكن الأمر الجيد أن المرضى يمكنهم أن يصلوا إلى مرحلة “الهدوء المناعي” باستخدام العلاج المناسب، فالهدف من العلاج هو تقليل الالتهابات في الجسم، ومنع تطور الأعراض إلى التليف الكبدي، ولا بد من المتابعة الدورية المنتظمة.
يمكن بالأدوية السيطرة على الأعراض التي تظهر مثل: آلام البطن، الحكة الجلدية، واليرقان، كل هذه الأعراض يمكن السيطرة عليها ومنع تفاقم المرض، يستخدم الطبيب بعض مثبطات المناعة في العلاج مثل: الكورتيزونات، لتقليل هجمات الجهاز المناعي للكبد.
في بعض الحالات يمكن أن يكون التهاب الكبد المناعي لا يستجيب لأي علاجات ويتطور بسرعة كبيرة، وفي هذه الحالة يكون العلاج الوحيد هو زرع الكبد.لكن لحسن الحظ بدأ التحسن تدريجيًا بعد بدء العلاج، والتزمت بخطة المتابعة الدورية مع الطبيب، وتماثلت للشفاء بنسبة كبيرة وأصبحت تحاليلي أقرب إلى الطبيعية، لكني ما زلت تحت المتابعة الدورية، وأصبحت قصتي مع التهاب الكبد المناعي نقطة تحول في حياتي.
علامات الشفاء من التهاب الكبد المناعي
بعد عدة أشهر من الالتزام بالعلاج، بدأت ألاحظ علامات الشفاء من التهاب الكبد المناعي، علامات الشفاء من المرض تعني استقرار الحالة والسيطرة على الأعراض وليس التخلص منه تمامًا، لذلك لا بد من استمرار المتابعة حتى لو حدث استقرار الحالة، وعلامات هذا الاستقرار:
- اختفاء الأعراض الظاهرة على الجلد مثل: الحكة والاصفرار، واختفاء اليرقان من العين.
- زوال أعراض التعب والإجهاد العام.
- عودة الشهية للطعام مرة أخرى.
- انخفاض نسبة إنزيمات الكبد إلى مستواها الطبيعي في التحاليل الدورية.
- تحسن نتائج فحوصات الكبد بالأشعة والموجات فوق الصوتية، وزوال التضخم الذي حدث له.
- القدرة على تقليل الجرعات الدوائية تحت إشراف الطبيب دون حدوث هجمات أخرى.
ومع الوقت أصبحت الأعراض أقل حدة، وبات المرض تحت السيطرة، بفضل المتابعة الدورية الدقيقة، والالتزام بالتعليمات وتعديل جرعات الأدوية حسب تطورات كل مرحلة.
مدة علاج التهاب الكبد المناعي الذاتي
من خلال قصتي مع التهاب الكبد المناعي يمكنني القول أن مدة علاج التهاب الكبد المناعي سنوات طويلة، وقد تستمر مدى الحياة للحفاظ على استقرار الحالة لبعض المرضى، يشمل العلاج أدوية لتقليل الالتهابات في الجسم، مثل: الكورتيزونات “Prednisone”، كما يشمل أدوية لتثبيط المناعة لتقليل الهجمات على الكبد، مثل: “الأزاثيوبرين Azathioprine”.
مع المتابعة المستمرة والالتزام بتعليمات الطبيب في العلاج، يتم تقليل الجرعات تدريجيًا عند استقرار الحالة، مع المتابعة الدورية لوظائف الكبد، لا يتوقف العلاج بشكل مفاجئ فقد يؤدي ذلك إلى انتكاسة في الأعراض، وتعود أكثر حدة.
ماذا يأكل مريض التهاب الكبد المناعي؟
من أهم النقاط التي تعلمتها في قصتي مع التهاب الكبد المناعي هي نوعية الطعام الذي يُسمح لمريض التهاب الكبد المناعي بتناوله، فالنظام الغذائي له دور كبير في تحسن الحالة وتخفيف الضغط على الكبد بشكل كبير، ومن أهم نصائح الطبيب لي:
- تناول الأطعمة الطازجة، والإكثار من الخضراوات والفواكه.
- تجنب الكحول تمامًا.
- تناول البروتين الحيواني بكميات معتدلة.
- تقليل الأملاح في الطعام.
- التوقف عن تناول الأطعمة المليئة بالسكريات.
- الابتعاد عن تناول الأطعمة عالية الدهون والمقليات.
- التوقف عن أخذ أدوية دون الحاجة.
كم يعيش مريض التهاب الكبد المناعي؟
كان هذا السؤال مؤرقاً في بداية قصتي مع التهاب الكبد المناعي، والواقع أن المرض ليس مميتاً إذا تم اكتشافه مبكراً وتمت إدارته بشكل جيد. الالتزام بالعلاج والمتابعة المنتظمة مع الطبيب المعالج يرفع من معدلات البقاء على قيد الحياة، وتشير الدراسات إلى أن أكثر من ثمانين بالمئة من المرضى يعيشون حياة طبيعية بعد اكتشاف المرض في المراحل الاولى، وقد تصل معدلات الحياة إلى أكثر من عشرين عامًا بعد التشخيص. في حال تم إهمال العلاج، قد تتطور الحالة إلى تليف الكبد أو فشل كبدي، لذلك الوعي والمتابعة المستمرة أمران أساسيان للبقاء في أمان والحفاظ على الحياة.
وفي الختام:
من أصعب ما واجهته في قصتي مع التهاب الكبد المناعي هو الجانب النفسي. فكرة الإصابة بمرض مزمن كانت صعبة التقبل، خاصة في البدايات. شعرت بالخوف من المستقبل، لكن مع الوقت، وبفضل الدعم من العائلة، والطبيب النفسي، كما أن طبيبي المختص كان له دور كبير في تقبلي رحلة العلاج الطويلة، انصحك بزيارة الدكتور/ زكريا محمد فهو: رئيس وحدة الجهاز الهضمي والكبد بطب الأزهر. أستاذ م. أمراض الباطنة والسكر والكبد. دكتوراه أمراض الكبد ومناظير الجهاز الهضمي. استشاري مناظير القنوات المرارية. عضو جمعية الجهاز الهضمي الأمريكية. عضو الجمعية الأوروبية لأمراض الكبد.
ونصيحتي لك من خلال قصتي مع التهاب الكبد المناعي لا تتجاهل الأعراض المبكرة، التزم بجميع تعليمات الطبيب، حتى في الفترات التي تشعر فيها بالتحسن، غيّر نمط حياتك إلى أسلوب صحي أكثر، تابع تحاليلك بشكل منتظم، لا تتردد في طلب الدعم النفسي.