تجربتي مع مرض السيلياك كانت رحلة طويلة بين الحيرة من الأعراض الشديدة والتشخيص والألم، لم يكن يخطر ببالي أن الأعراض التي طالما عانيت منها لسنوات كلها مرتبطة بنفس السبب، لطالما شعرت بألم في العظام، انتفاخ مستمر، وتعب مزمن، حتى أني عانيت فترة طويلة من تساقط الشعر، كل هذا كان بسبب هذا المرض الصامت، في كثير من الأحيان كانت تتدهور صحتي بسبب قطعة من الخبز، سأخذكم في رحلتي الطويلة من خلال هذا المقال، وأجيب عن أهم الأسئلة التي تدور في بال الكثيرين عن هذا المرض، وكيفية التعايش معه بأمان، وكثير من التفاصيل التي تهم أي شخص يشك في إصابته بالسيلياك.
Table of Contents
Toggleهل مرض السيلياك يظهر فجأة؟
كنت أعتقد في بداية الأمر أن هذا المرض يظهر فجأة دون مقدمات، لكن من خلال تجربتي مع مرض السيلياك أدركت أن هذا المرض كان يتسلل إلى حياتي تدريجيًا دون أن ألاحظ، كنت أعتقد أن الأعراض السابقة غير مرتبطة ببعضها، لكنني ظللت أعاني لسنوات طويلة في صمت، ومن خلال تجربتي مع مرض السلياك أقول أن إجابة هذا السؤال بالنفي، فالأعراض لا تظهر فجأة في معظم الحالات، بل تظهر تدريجيًا وتزداد سوءًا مع مرور الوقت، خاصة بعد التعرض المتكرر للجلوتين، وساعدني على اكتشاف الأمر الفحوصات التي أجريتها بعد ظهور أعراض غير مبررة، مثل: الإسهال المستمر، فقدان الوزن الشديد دون سبب واضح، نقص الفيتامينات والمعادن رغم التغذية الجيدة، وفقدان مفاجئ في الشهية، وكما أنني لاحظت ازدياد هذه الأعراض وتدهورها في كل مرة أتناول فيها طعام يحتوي على الجلوتين.
ماذا يحدث إذا أكل مريض السيلياك الغلوتين؟
في بداية تجربتي مع مرض السيلياك كنت أخطأ أحيانًا وأتناول أطعمة تحتوي على الجلوتين دون أن أدري، مع الوقت وتكرار الأمر كانت تزداد الأعراض سوءًا حتى أصبحت كارثية، عند تناول مريض السيلياك للطعام يحتوي على الجلوتين يبدأ الجسم في تكوين استجابة مناعية شديدة، يهاجم الجهاز المناعي بطانة الأمعاء الدقيقة، ويؤدي ذلك إلى تدمير الخلايا المسئولة عن امتصاص العناصر الغذائية، ثم تظهر الأعراض سريعًا، مثل:
- آلام شديدة في المعدة.
- اضطرابات في الهضم والإخراج، تبدأ بإمساك شديد ثم إسهال.
- انتفاخ شديد في البطن، وتكون غازات بشكل كبير.
- إرهاق مفاجئ ويكون في الجسم كله.
- في بعض الحالات يظهر طفح جلدي.
قد تستمر الأعراض أيام بعد التعرض للجلوتين، وقد تتكرر كلما تناولت شيئًا يحتوي على الجلوتين حتى لو كان بكميات صغيرة جدًا.
تعرف على: أعراض السيلياك عند الكبار
هل مرض السيلياك يؤدي إلى الموت؟
في بداية تجربتي مع مرض السيلياك واحدة من أكثر الأسئلة التي راودتني، هل مرض السيلياك يؤدي إلى الموت؟
عندما أخبرت طبيبي عن شكوكي وقلقي تجاه هذا الأمر، أخبرني أن الأمر لا يحدث بصورة مباشرة وأنه لا داعي للقلق، مرض السيلياك يمكن السيطرة عليه من خلال التشخيص والمتابعة الدورية مع الطبيب للأعراض التي تظهر، وتعديل النظام الغذائي بما يناسب المرض، وتجنب تناول الجلوتين ومشتقاته تمامًا، لكن إذا تجاهلت هذا الأمر فإن المضاعفات تكون خطيرة جدًا، حيث يؤدي إلى:
- هشاشة العظام نتيجة نقص امتصاص الكالسيوم في الدم.
- سوء امتصاص العناصر الغذائية وضعف عام في الجسم.
- فقر دم حاد نتيجة ضعف امتصاص الحديد والمعادن الهامة.
- بعض المرضى يصابون بأمراض مناعية أخرى.
- في بعض الحالات النادرة يؤدي المرض إلى سرطان الأمعاء، لكن هذا يحدث إذا تطورت الحالة دون علاج لوقت طويل.
لكن الخبر السار أن الالتزام بنظام غذائي خالٍ من الجلوتين يقلل من هذه المخاطر بشكل كبير، كما يسمح للمريض بعيش حياة طبيعية تمامًا لعقود.
تعرف على: أسباب مرض السيلياك
هل يمكن التعايش مع مرض السيلياك؟
علمتني تجربتي مع مرض السيلياك أنه يمكن التعايش مع هذا المرض بشكل بسيط وسهل لكن هناك بعض الشروط التي طبقتها في حياتي:
- الالتزام بالنظام الغذائي بشكل صارم.
- معرفة مكونات الطعام قبل تناوله، كنت اقرأ كل التعليمات والمقادير المكتوبة على المنتجات الغذائية قبل تناولها.
- في معظم الأحيان كنت أتناول الطعام في المنزل، وأحضره لتجنب تلوث الطعام بالجلوتين من الخارج.
- إذا اضطررت لتناول الطعام في المطاعم، كنت اختار المكان بعناية، واحرص على اختيار مطعم يقدم طعام خالي من الجلوتين.
- الدعم النفسي والعائلي أمر في غاية الاهمية، جميع أفراد عائلتي كانوا يحرصون على إعداد طعام مناسب لحالتي في التجمعات العائلية.
التزامه بهذا النمط ساعدني على التحسن وعيش حياة طبيعية مع الوقت.
أعراض مرض السيلياك عند الأطفال
من خلال تجربتي مع مرض السيلياك وبحثي المستمر علمت أن المرض قد يبدأ عند الأطفال منذ مرحلة الطفولة، وتختلف أعراضه تمامًا عن الكبار، تشمل أعراض السيلياك عند الأطفال:
- تأخر في النمو وقصر القامة.
- نقص الوزن الشديد مهما كانت التغذية جيدة.
- الإسهال المزمن.
- انتفاخ البطن باستمرار.
- تغير في مزاج الطفل،وقد يصبح أكثر عدوانية.
التشخيص المبكر عند الأطفال يساهم في تقليل تلف الأمعاء ويضمن نموًا طبيعيًا.
ماذا يحدث إذا كان لديك اختبار سيلياك سلبي ولكن لديك أعراض؟
مررت بهذه المرحلة أيضًا في بداية تجربتي مع مرض السيلياك، حيث كانت نتائج تحاليل الدم غير قاطعة، ولا تشير على أني مصابًا بالسيلياك رغم أني أعاني من أعراض واضحة، في هذه الحالة قد تكون مصابًا بـ
- سيلياك كامن: في هذه الحالة تكون الأجسام المضادة في صورة غير نشطة، أو لم تتكون بعد.
- حساسية الجلوتين: قد تظهر أعراض مشابهة لكن دون تلف في الأمعاء.
- تلف في الفحص أو الامتناع عن تناول الجلوتين لفترة طويلة قبل الإجراء مما يؤثر على النتيجة.
قصتي مع مرض السيلياك: ماذا تعلمت؟
من خلال قصتي مع مرض السيلياك تعلمت عدة أشياء أهمها:
- لا تهمل أي عرض غريب أو مزمن، قد تعاني لسنوات وقد يكون العلاج في غاية البساطة.
- معرفة ما يناسب الجسم من طعام أمر غاية الأهمية، لأن الصحة تبدأ من الغذاء.
- التشخيص ونتيجة العلاج قد يستغرق وقتًا، لا يجب أن نستسلم.
- الدعم العائلي ضروري جدًا في رحلة التعايش التي يعيشها الشخص، كلما ازداد الدعم زاد التزام الشخص بالنظام.
كيف أثّرت تجربتي مع مرض السلياك على حياتي؟
تجربتي مع مرض السلياك غيّرت نظرتي للطعام والصحة، كنت في كثير من الأحيان أعتمد على الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة دون تفكير، لكن الآن أصبحت أكثر وعيًا بما أتناوله، وأحرص بشدة على تناول الأطعمة الطبيعية، واليوم أعيش حياة طبيعية تمامًا دون حرمان بفضل الالتزام والبعد عن الطعام الذي يحتوي على الجلوتين، وادركت أن نظرتي للمرض على أنه فرصة للتغيير غيرت نظرتي للطعام وجعلتني ألتزم.
خلاصة القول…
تجربتي مع مرض السيلياك علمتني أن التشخيص لم يكن نهاية العالم، بل كان بداية لحياة جديدة أفضل، وازداد وعيي والتثقيف الذاتي ساعدني على التغلب على المرض، كما ساعدتني المتابعة مع الطبيب على تقليل الأعراض، أنصحك بزيارة الدكتور/ زكريا محمد فهو: رئيس وحدة الجهاز الهضمي والكبد بطب الأزهر. أستاذ م. أمراض الباطنة والسكر والكبد. دكتوراه أمراض الكبد ومناظير الجهاز الهضمي. استشاري مناظير القنوات المرارية. عضو جمعية الجهاز الهضمي الأمريكية. عضو الجمعية الأوروبية لأمراض الكبد.