يُعد التهاب الكبد الكحولي من أكثر الأمراض الناتجة عن استهلاك الكحول خطورة، ينتج عن الاستهلاك المزمن للكحول لسنوات عديدة، وهو مرض صامت في بدايته، لكنه يهدد الحياة بشكل مباشر، فقد يسبب بعض المضاعفات الخطيرة، مثل: تليف خلايا الكبد، والفشل الكبدي، ينتشر هذا المرض في الدول الغربية بشكل كبير. في هذا المقال سنتعرف على التهاب الكبد الكحولي بالتفصيل، ونناقش أعراضه، طرق التشخيص، ونعرض طرق العلاج المناسبة، كما نجيب عن الأسئلة الشائعة التي تدور في أذهان المرضى.
Table of Contents
Toggleما هو التهاب الكبد الكحولي؟
التهاب الكبد الكحولي أو ما يُعرف ب “Alcoholic hepatitis” هو التهاب في خلايا الكبد، وينتج عن الإفراط في تناول المشروبات الكحولية بكميات كبيرة ولفترة طويلة من الزمن تصل إلى عشر سنوات، حيث يؤدي الكحول إلى إتلاف خلايا الكبد، وتحدث التهابات مناعية تؤدي إلى عدة مراحل تبدأ بالكبد الدهني الكحولي، ثم الالتهاب المزمن، وقد يصل الأمر إلى تليف الكبد أو تشمع الكبد.
يُعتبر التهاب الكبد الكحولي هو المرحلة الثانية من مضاعفات أمراض الكبد التي تنتج عن التهاب الكبد الناتج عن الكحول، وتبدأ هذه الأعراض أولًا بالكبد الدهني الكحولي، ثم يتطور الأمر في النهاية إلى تليف الكبد أو فشل كبدي حاد، وقد ينتهي الأمر بسرطان الكبد.
ما هي أعراض التهاب الكبد الكحولي؟
تختلف أعراض التهاب الكبد الكحولي حسب شدة المرض، وقد تكون الأعراض خفيفة في بداية الأمر، ويتطور الأمر مع مرور الوقت، وتتطور الأعراض في المراحل المتأخرة، تشمل الأعراض:
- اصفرار الجلد، وبياض العينين، وهو ما يُعرف ب” اليرقان”، وهو العرض الأكثر شيوعًا.
- ألم في الجزء العلوي الأيمن من البطن ” مكان تواجد الكبد” ويتكون هذا الوجع بمجرد اللمس.
- فقدان الشهية في تناول الطعام، وهو غالبًا عرض يصيب مدمني الكحول بسبب كثرة تناول الكحول.
- التعب العام والإعياء الشديد.
- الشعور بالغثيان والميل إلى القيء.
- في المراحل المتأخرة يحدث تراكم للسوائل في البطن، وهو ما يُعرف ب”الاستسقاء”.
- التشوش الذهني وعدم القدرة على الإدراك، بسبب تراكم السموم في الدم، وإصابة الكبد تحيل دون تكسير هذه السموم.
- يحدث تضخم الكبد في بعض الحالات المتقدمة.
- قد يتطور الأمر إلى الفشل الكبدي
وتزداد الأعراض حدة عند استمرار شرب الكحول بكميات كبيرة وقد يصعب هذا من الكشف المبكر، الذي يُعتبر ضروريًا لمنع تفاقم الأعراض.
تشخيص التهاب الكبد الكحولي
يعتمد تشخيص التهاب الكبد الكحولي على عدة طرق، نذكرها فيما يلي:
- الفحص السريري: يبدأ الطبيب بسؤال المريض عن التاريخ المرضي بصورة مفصلة، كما يسأل عن مدة تعاطي الكحول والكمية التي يشربها يوميًا، ثم يبدأ بالفحص البدني من خلال ملاحظة الأعراض الظاهرة مثل: اليرقان أو الاستسقاء.
- التحاليل المعملية: تشمل تحاليل الدم التي يقوم بها المريض لقياس أولًا: إنزيمات الكبد ALT، و AST التي ترتفع بسبب تعاطي الكحول، ثانيًا يرتفع مستوى البيليروبين، كما يلاحظ انخفاض مستوى الألبيومين.
- الصور التشخيصية بالأشعة المختلفة: أولًا: الموجات فوق الصوتية التي تحدد حجم الكبد ووجود مناطق تليف أو تضخم فيه، ثانيًا: الأشعة المقطعية أو CT scan التي تقيم حالة الكبد وتكشف عن مناطق التليف بدقة، ثالثًا الرنين المغناطيسي الذي يحدد درجة التليف بدقة.
- أخذ عينة من الكبد أو ما يُعرف ب”Biopsy” أو الخزعة، ويتم تحليل هذه العينة لتحديد نوع التلف الذي حدث للخلايا ونوع الالتهاب ودرجته.
هل يمكن الشفاء من التهاب الكبد الكحولي؟
نعم يمكن الشفاء من التهاب الكبد الكحولي ولكن هذا يعتمد على عدة عوامل منها: التوقف تمامًا عن شرب الكحول، كما يعتمد على حالة الكبد وقت اكتشاف المرض.
- في المراحل المبكرة من التهاب الكبد الكحولي الحاد: يُشفى التهاب الكبد بشكل كامل في فترة لا تتجاوز الشهرين، ولكن الشرط الأساسي هو التوقف نهائيًا عن تناول الكحول، واتباع نمط حياة صحية.
- في المراحل المتقدمة من تليف الكبد: قد يكون الشفاء بشكل كامل صعب، لكن يمكن السيطرة على الحالة ومنع تفاقم الأعراض بالتوقف عن تناول الكحول والبدء في العلاج بشكل فعال، ويمكن علاج المضاعفات التي تحدث مثل: الاستسقاء أو النزيف من المريء إذا حدث.
- في حالات التلف الشديدة أو الفشل الكبدي: قد يكون الخيار الأمثل للشفاء -بعد توقف الكحول بالتأكيد- هو زراعة الكبد.
ماذا يحدث للكبد عند ترك الكحول؟
- يبدأ الكبد في الشفاء ذاتيًا بمجرد التوقف عن تناول الكحول، ويحدث تحسن تدريجي في خلايا الكبد، خاصة إذا كانت تلك الخلايا لم يحدث لها تلف كامل.
- تنخفض نسبة الدهون المتراكمة في الكبد بسبب الكحول “الكبد الدهني الكحولي”.
- تقل نسبة الالتهابات بشكل عام في الجسم وبشكل خاص في الكبد.
- تتحسن وظائف الكبد، وتتحسن نسبة إنزيمات الكبد بشكل ملحوظ.
كل هذا يعتمد على نسبة التلف في خلايا الكبد، لكن الركن الأساسي في التعافي هو التوقف عن تناول الكحول تمامًا.
ارتفاع إنزيمات الكبد بسبب الكحول
ينتج الكبد العديد من الإنزيمات التي تساعد في العمليات الحيوية للجسم، وترتفع مستويات هذه الإنزيمات عندما يكون الكبد مصابًا بالالتهاب تشمل هذه الإنزيمات:
- إنزيم AST”Aspartate aminotransferase”: غالبًا ما تكون نسبته أعلى من ALT (Alanine aminotransferase).
- إنزيم “GGT “Gamma-glutamyl transferase: وهو مؤشر يشير إلى استهلاك الكحول وتأثيره على الجسم.
- إنزيم “ALP “Alkaline phosphatase: لا يرتفع في كل الحالات، لكن ارتفاعه يعتبر مؤشرًا لالتهاب الكبد.
ارتفاع إنزيمات الكبد يؤكد وجود تلف في خلايا الكبد لكنه لا يحدد مدى شدة المرض، فذلك يتحدد بالأعراض والفحص السريري.
علاج الكبد الدهني الكحولي
- الإقلاع التام عن شرب الكحول: فهو ركن الأساس في بدء العلاج، وبعض الحالات الحادة تُشفي بمجرد التوقف عن شرب الكحول.
- الدعم النفسي: المتابعة مع الطبيب النفسي من أهم خطوات العلاج لعلاج أعراض الانسحاب التي تحدث نتيجة التوقف عن شرب الكحول.
- العلاج الدوائي: قد يصف الطبيب بعض مضادات الالتهاب لعلاج الكبد الدهني الكحولي وتقليل الالتهابات الناتجة عن تناول الكحول، مثل الكورتيزونات، أو البنتوكسيفيلين (Pentoxifylline) في حالة كان يعاني المريض من مشكلة تمنع تناول الكورتيزون.
- المضادات الحيوية في حالات العدوى البكتيرية.
- الدعم الغذائي: يوصي الطبيب بنظام غذائي يتناول فيه الطبيب الأطعمة الصحية التي تزيد من مناعة الجسم وتقلل الإجهاد عن الكبد، وقد يصف الطبيب بعض الفيتامينات الهامة لدعم صحة الكبد، مثل: حمض الفوليك، وفيتامين B 12.
- تغيير نمط الحياة المتبع واتباع نظام غذائي صحي يشمل إنقاص الوزن الزائد والتخلص من السمنة وممارسة الرياضة، لإنقاص الدهون المتراكمة على الكبد.
- في الحالات المتأخرة وحينما يصبح الكبد كتليفًا بالكامل يكون الحل الوحيد لهذه الحالة هو زراعة الكبد.
وخلاصة القول…
فإن التهاب الكبد الكحولي ليس مرضً عابرًا، لكن يدق جرس الإنذار إلى التوقف عن شرب الكحول، وتغيير نمط الحياة إلى نمط صحي، كما يمكن أن نقول أن الكبد نعمة لا تعوض لذلك الكشف المبكر والتوقف عن الكحول يصنع فارقًا كبيرًا في حياة المرضى.
إذا كنت تعاني من أي من الأعراض السابق ذكرها في المقال لا تتردد في زيارة الطبيب وننصحك بزيارة الدكتور/ زكريا محمد فهو رئيس وحدة الجهاز الهضمي والكبد بطب الأزهر. أستاذ م. أمراض الباطنة والسكر والكبد. دكتوراه أمراض الكبد ومناظير الجهاز الهضمي. استشاري مناظير القنوات المرارية. عضو جمعية الجهاز الهضمي الأمريكية. عضو الجمعية الأوروبية لأمراض الكبد.